الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
<تنبيه> عدوا من خصائص هذه الأمة جواز دفع الصائل وكانت بنو إسرائيل كتب عليهم أن الرجل إذا بسط يده إلى رجل لا يمتنع منه حتى يقتله قاله مجاهد وغيره. - (حم ق د ن عن أبي بكرة) الثقفي (ه عن أبي موسى) الأشعري. 486 - (إذا التقى المسلمان) الذكران أو الأنثيان أو ذكر وأنثى هي حليلته أو محرمه (فتصافحا) وضع كل منهما يده في يد الآخر عقب تلاقيهما بلا تراخ بعد سلامهما، زاد الطبراني وضحك أي تبسم كل منهما في وجه صاحبه (وحمدا الله) بكسر الميم (واستغفرا) الله أي طلبا منه المغفرة كل لنفسه ولأخيه (غفر) الله (لهما) زاد أبو داود قبل أن يتفرقا المراد الصغائر قياساً على النظائر فيندب لكل مسلم إذا لقي مسلماً وإن لم يعرفه السلام عليه ومصافحته. قال ابن رسلان: ولا تحصل السنة إلا بتلاقي بشرة الكفين بلا حائل ككم انتهى وفيه وقفة والظاهر من آداب الشريعة تعيين اليمنى من الجاني لحصول السنة فلا تحصل باليسرى في اليسرى ولا في اليمنى واستثنى العبادي من ندب المصافحة نحو أمرد جميل فتحرم مصافحته أي إن خاف فتنة ونحو مجذوم وأبرص فتكره. - (د عن البراء) بن عازب رضي الله عنه رمز المؤلف لحسنه وليس كما قال فقد قال المنذري إسناده مضطرب وفيه ضعف. 487 - (إذا التقى المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه) أي مشاركة في الدين (كان أحبهما إلى الله) أي أكثرهما ثواباً عنده وأحظاهما لديه (أحسنهما بشراً) بكسر الموحدة طلاقة وجه وفرح وحسن إقبال (بصاحبه) لأن المؤمن عليه سمة الإيمان ووقاره وبهاء الإسلام وجماله فأحسنهما بشراً أفهمهما لذلك وأغفلهما عن الله أغفلهما عما منّ الله به عليهما ولأن المؤمن ظمآن للقاء ربه شوقاً إليه فإذا رأى مؤمناً نشط لذلك روحه وتبسم قلبه بروح ما وجد من آثار مولاه فيظهر [ص 301] بشره فصار أحب إلى الله بما له من الحظ منه (فإذا تصافحا أنزل الله عليهما مئة رحمة للبادئ) بالسلام والمصافحة (تسعون وللمصافح) بفتح الفاء (عشرة) وذلك لأن المصافح كالبيعة لأن من شرط الإيمان الأخوة والولاية <تنبيه> قال السمهودي أخذاً من كلام الغزالي والحليمي أن معنى سلام عليكم أحييكم بالسلامة الكاملة من جميع معاطب الدارين وآفاتهما مع الأمن والمسالمة محيطة بكم من جميع جهاتكم إكراماً لكم بحيث لا يكون لشيء من ضد ذلك سبيل عليكم فإني مسالم لكم بكل حال ظاهراً وباطناً فلا يصلكم مني أذى فقد طلبت لكم تلك السلامة الموصوفة من السلام الذي هو المالك تسليم عباده والمسلم لهم وصاحب السلامة لا معطي في الدارين غيره ولا مرجواً فيهما إلا خيره - (الحكيم) في نوادره (وأبو الشيخ [ابن حبان]) في الثواب (عن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال المنذري: ضعيف انتهى وظاهر حال المصنف أنه لم يره مخرجاً لأشهر من هذين وهو عجيب فقد رواه البزّار عن عمر بهذا اللفظ. قال الهيتمي: وفيه من لم أعرفه انتهى فرمز المصنف لحسنه غير حسن إلا أن يريد لاعتضاده فقد رواه الطبراني بسند أحسن من هذا بلفظ: إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا إلى آخره. 488 - (إذا التقى الختانان) أي تحاذيا لا تماسا والمراد ختان الرجل وخفاض المرأة فجمعهما بلفظ واحد تغليباً (فقد وجب الغسل) أي على الفاعل والمفعول وإن لم يحصل إنزال كما صرح به في رواية فالموجب تغييب الحشفة والحصر في خبر إنما الماء من الماء منسوخ كما صرح به خبر أبي داود مثل به أصحابنا في الأصول لنسخ السنة بالسنة كما يأتي، وذكر الختان غالبي فيجب الغسل بدخول ذكر لا حشفة له في دبر أو فرج بهيمة عند الشافعي لأنه في معنى المنصوص إذ هو جماع في فرج قال جدي المناوي رحمه الله: وعبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بإذا دون غيرها إشارة إلى غلبة وقوع شرطها وأن الالتقاء سبب وجوب الغسل وأن الوجوب يكون وقت الالتقاء لدلالة إذا على الزمان ولأن الأصل أن لا يتأخر المسبب عن السبب وأنه إذا لم يوجد الالتقاء ولا في معناه بأن غيب بعض الحشفة لا يجب الغسل عملاً بمفهوم الشرط وإذا لم يجب الغسل مع كونه أخف ما يترتب على الإيلاج فلا يجب ما هو أشد منه من الحد ووجوب المهر وغير ذلك من باب أولى بدلالة فحوى الخطاب. وفي الحديث قصة وذلك أن رفاعة بن رافع قال: كنت عند عمر فقيل له إن زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد وفي رواية يفتي بأنه لا غسل على من يجامع ولا ينزل. فقال عمر: عليّ به فأوتي به فقال عمر: يا عدو نفسه أو بلغ من أمرك أن تفتي برأيك؟ فقال: ما فعلت يا أمير المؤمنين وإنما حدثني عمومتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أي عمومتك؟ قال: أبيّ بن كعب وأبو أيوب ورفاعة قال: فالتفت عمر إليّ وقال: ما تقول؟ قلت: كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فاتفقوا على أن الماء لا يكون إلا من الماء إلا عليّ ومعاذ فقالا إذا التقى الختانان وجب الغسل فقال علي: يا أمير المؤمنين سل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى حفصة فقالت: لا أعلم فأرسل إلى عائشة فقالت: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل فتحطم عمر - أي تغلظ - وقال: لا أوتى بأحد فعله ولم يغتسل إلا أهلكته عقوبة. قال ابن حجر: حديث حسن أخرجه ابن أبي شيبة والطبراني وسياقه أتم قال: كان زيد يفتي بالمسجد فقال: إذا خالطها ولم يمن لا غسل فقام رجل إلى عمر فقال فيه فالتفت عمر إلى رفاعة [ص 302] وقال فيه بعد قول علي ومعاذ قد اختلفتم وأنتم أهل بدر إلى آخره. - (ه) في الطهارة (عن عائشة وعن ابن عمرو) ابن العاص قال ابن حجر: ورجال حديث عائشة ثقات ورواه الشافعي رضي الله عنه في الأم والمختصر وأحمد والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح وابن حبان وصححه وإعلال البخاري له بأن الأوزاعي أخطأ فيه أجيب عنه وقال النووي في التنقيح: أصله صحيح إلا أن فيه تغييراً انتهى ومن ثم رمز المؤلف لصحته لكنه قصر حيث اقتصر على عزوه لابن ماجه وحده مع وجوده لهؤلاء جميعاً ورواه مسلم بلفظ إذا جلس بين شعبيها الأربع ومسّ الختان الختان فقد وجب الغسل. 489 - (إذا القى الله في قلب امرئ) زاد في رواية منكم (خطبة امرأة) بكسر الخاء أي التماس نكاحها (فلا بأس أن ينظر إليها) أي لا حرج عليه في ذلك بل يسن وإن لم تأذن هي ولا وليها اكتفاء بإذن الشارع وإن خاف الفتنة بالنظر إليها على الأصح عند الشافعية وظاهر الخبر أنه يكرر النظر بقدر الحاجة فلا يتقيد بثلاث خلافاً لبعضهم وإضافة الإلقاء إلى الله تعالى تفيد أن الندب بل الجواز مقصور على راجي الإجابة عادة بأن مثله ينكح مثلها وبه صرح ابن عبد السلام بخلاف نحو كناس وحجام خطب بنت أمير أو شيخ إسلام لأن هذا الإلقاء من وسوسة الشيطان لا من إلقاء الرحمن بل تردّد ابن عبد السلام فيما لو احتمل ومال إلى المنع لفقد السبب المجوز وهو غلبة الظن وليس المنظور على إطلاقه بل مقيداً بما عدا عورة الصلاة كما يفيده خبر آخر وأما خبر أبي داود فلينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فمبهم مطلق يرد إلى هذا المقيد واقتصاره على الإذن يفيد حرمة المس. - (حم ه ك) في المناقب (هق) من حديث إبراهيم بن صدقة (عن محمد بن مسلمة) بفتح الميم واللام الخزرجي البدري كان كبير المقدار أسود ضخماً اعتزل الفتنة بأمر نبوي ثم قال الحاكم غريب وإبراهيم ليس من شرط الكتاب قال الذهبي ضعفه الدارقطني. 490 - (إذا أمّ أحدكم الناس) بأن كان منصوباً للإمامة بنصب الإمام أو الناس أو أهل المحلة أو تقدم للإمامة بنفسه أو صار إماماً ولو بغير قصد منه سمي إماماً لأن الناس يأتمون بأفعاله أي يقصدونها (فليخفف) صلاته ندباً وقيل وجوباً بأن لا يخل بأصل سننها ولا يستوعب الأكمل كما في المجموع وقيل بأن ينظر ما يحتمله أضعف القوم فيصلي مراعياً له وأيده ابن دقيق العيد بأن التطويل والتخفيف من الأمور الاعتبارية فرب تطويل لقوم تخفيف لآخرين وعلم من ذلك أنه ليس المراد بالتخفيف الاختصار والنقصان بدليل أنه نهى عن نقرة الغراب ورأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال ارجع فصل فإنك لم تصل وقال لا ينظر الله إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده (فإن فيهم) وفي رواية منهم (الصغير) الطفل (والكبير) سناً (والضعيف) خلقة بدليل تعقيبه بقوله (والمريض) مرضاً يشق معه احتمال التطويل (وذا الحاجة) عطف عام على خاص قال ابن حجر وهذه أشمل الأوصاف وزاد الطبراني والحامل والمرضع والعابر السبيل وحذف المعمول ليفيد العموم فيتناول الأوصاف وزاد الطبراني فيتناول أية صلاة كانت ولو نفلاً جماعة وليس لك أن تقول مفهوم الخبر أه إذا لم يكن ثم من هو متصف بما ذكر لا يخفف لأن الأحكام إنما تناط بالغالب لا النادر فليس التخفيف وإن علم عدم طرو من هذه صفته، نعم له التطويل إذا أمّ محصورين راضين لم يتعلق بعينهم حق كما بين في الفروع (وإذا صلى لنفسه) أي منفرداً (فليطول ما شاء) فلا حرج عليه في ذلك وإن خرج الوقت على الأصح عند الشافعية بشرط أن يوقع بركعة منها في الوقت كما رجحه الاسنوي وخبر النهي عن إخراجها عن وقتها محله إذا أخر الشروع إلى خروجه أو ضيقه ويكره للمنفرد إفراط التطويل المؤدّي إلى نحو سهو أو فوت خشوع أو مصلحة وفيه الاهتمام [ص 303] بتعليم الأحكام والرفق بالخاص والعام واستدل بعمومه على جواز تطويل الاعتدال والقعود بين السجدتين لكن الأصح عند الشافعية أن تطويلهما مبطل ونزلوا الخبر على الأركان الطويلة جمعاً بين الأدلة. - (حم ق د ت عن أبي هريرة) رضي الله عنه بألفاظ مختلفة لكن متقاربة. 491 - (إذا أمّن) بالتشديد (الإمام) أي أراد التأمين أي أن يقول آمين عقب الفاتحة في جهرية (فأمّنوا) أي قولوا آمين مقارنين له لأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه فلا يتأخر عنه وفيه ندب التأمين للإمام خلافاً لمالك ورفع صوته به إذ لو لم يجهر به لما علم تأمينه المأموم وظاهر الحديث أنه إذا لم يؤمن لا يؤمن المقتدي وهو غير مراد ووقع لبعض أعاظم الشافعية من سوء التعبير ما لا يليق بمقامه وهو أنه قال قضية الخبر أن الإمام إذا لم يؤمن لا يؤمن وهو وجه والأصح خلافه، هذه عبارته، ولعله سرى لذهنه أنه تقرر في الفقه وحاشاه أن يقصد أن الأصح خلاف قضية كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم (فإنه) أي الشأن وهذا كالتعليل لما قبله (من وافق تأمينه تأمين الملائكة) قولاً وزمناً وقيل إخلاصاً وخشوعاً واعترض والمراد جميعهم لأن أل الداخلة على الجمع تفيد الاستغراق أو الحفظة أو الذين يتعاقبون أو من يشهد تلك الصلاة ممن في الأرض أو في السماء ورجحه ابن حجر ولا يعد في سماع تأمين من في الأرض لقوة الإدراك المودعة فيهم والمراد بتأمينهم قولهم عقب القراءة آمين ومعناه استجب للمصلين ما سألوه من نحو طلب الهداية والاستعانة وقد خفي هذا مع ظهوره على من أول التأمين بالاستغفار (غفر له ما تقدم) زاد في رواية للجرجاني في أماليه وما تأخر قال ابن حجر وهي شاذة (من ذنبه) أي من الصغائر لا الكبائر لأنه صح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فإذا لم تكفر الفروض الكبائر فكيف يكفرها سنة التأمين لكن نازع فيه التاج السبكي بأن المكفر ليس التأمين الذي هو صنع المؤمن بل وفاق الملائكة وليس صنعه بل فضل الله وعلامة على سعادة الموافق قال فالحق أنه علم خص منه تبعات الناس وجرى عليه الكرماني فقال عموم اللفظ يقتضي المغفرة فيستدل بالعام ما لم يظهر المخصص ومن للبيان لا للتبعيض وفيه ندب التأمين مطلقاً ورد على الإمامية الزاعمين أن يبطل الصلاة لكونه ليس قرآناً ولا ذكراً وأن الملائكة يدعون للبشر ووجوب الفاتحة لأن التأمين لا يكون إلا عقبها (مالك) في الموطأ - (حم ق) في الصلاة(4) كلهم (عن أبي هريرة) وغيره. 492 - (إذا أنا) زاد أنا لمزيد التقوية والتحقيق (مت و) مات (أبو بكر) الصديق (وعمر) الفاروق (وعثمان) ذو النورين (فإن استطعت أن تموت فمت) أي إن أمكنك الموت فرضاً فافعل فإنه خير لك من الحياة حالتئذ لما يقع من الفتن وسفك الدماء قاله لمن قال له: يا رسول الله إن جئت فلم أجدك فإلى من آتي قال: أبا بكر قال: فإن لم أجده قال: عمر قال: فإن لم أجده قال: عثمان قال: فإن لم أجده فذكره وذلك إشارة إلى أن عمر قفل الفتنة كما ورد مصرحاً به وأن بقتل عثمان تقع الفتن ويعظم الهرج حتى يصير الموت خيراً من الحياة وهذا من معجزاته لأنه إخبار عن غيب وقع. - (حل) وكذا الطبراني في الأوسط وابن عدي وابن عساكر (عن سهل بن أبي حيثمة) بفتح المهملة وسكون المثلثة وعبد الله الأنصاري وفيه مسلم بن ميمون الخواص ضعيف لغفلته. 493 - (إذا انتاط) بنون فمثناة فوقية قال الزمخشري افتعل من نياط المفازة وهو بعدها كأنها نيطت بأخرى (غزوكم) أي [ص 304] مواضع الغزو ومتوجهات الغزاة (وكثرت العزائم) بعين مهملة وزاي أي عزمات الأمراء على الناس في الغزو إلى الأقطار النائية (واستحلت الغنائم) أي استحل الأئمة ونوابهم الاستئثار بها ولم يقسموها على الغانمين كما أمروا (فخير جهادكم) حينئذ (الرباط) أي المرابطة وهي الإقامة في الثغور ولا حرج عليكم في ترك الغزو وقرره كله الزمخشري. - (طب وابن منده) في الصحابة (خط) في ترجمة العباس بن حماد كلهم (عن عتيبة) بضم المهملة وفتح المثناة فوق (ابن الندر) بضم النون ودال مهملة مشددة كما في التقريب كأصله وذكره الذهبي شامي حضر فتح مصر وفيه سويد ابن عبد العزيز قال أحمد متروك. 494 - (إذا انتصف شعبان) أي مضى نصفه الأول ولفظ رواية الترمذي والنسائي إذا بقي النصف من شعبان (فلا تصوموا) أي يحرم عليكم ابتداء الصوم بلا سبب (حتى يكون رمضان) أي حتى يجيء على حد قوله *إذا كان الشتاء فأدفؤني* ذكره العكبري وحكمة النهي التقوي على صوم رمضان واستقباله بنشأة وعزم وقد اختلف في التطوع بالصوم في النصف الثاني من شعبان على أربعة أقوال أحدها الجواز مطلقاً يوم الشك وما قبله سواء صام جميع النصف أو فصل بينه بفطر يوم أو إفراد يوم الشك بالصوم أو غيره من أيام النصف. الثاني قال ابن عبد البر وهو الذي عليه أئمة الفتوى لا بأس بصيام الشك تطوعاً كما قاله مالك، الثالث عدم الجواز سواء يوم الشك وما قبله من النصف الثاني إلا أن يصل صيامه ببعض النصف الأول أو يوافق عادة له وهو الأصح عند الشافعية، الرابع يحرم يوم الشك فقط ولا يحرم عليه غيره من النصف الثاني وعليه كثير من العلماء. - (حم 4) في الصوم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال الترمذي حسن صحيح وتبعه المؤلف فرمز لحسنه وتعقبه مغلطاي لقول أحمد هو غير محفوظ وفي سنن البيهقي عن أبي داود عن أحمد منكر وقال ابن حجر: وكان ابن مهدي يتوقاه وظاهر صنيع المؤلف أن كلاً من الكل روى الكل بهذا اللفظ ولا كذلك فعند أبي داود إذا انتصف شعبان فلا تصوموا وعند النسائي فكفوا عن الصيام وعند ابن ماجه إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان وعند ابن حبان فأفطروا حتى يجيء رمضان وفي رواية له لا صوم بعد نصف شعبان حتى يجيء رمضان ولابن عدي إذا انتصف شعبان فأفطروا وللبيهقي إذا مضى النصف من شعبان فأمسكوا حتى يدخل رمضان. 495 - (إذا انتعل أحدكم) أي لبس نعله (فليبدأ) ندباً (باليمنى) أي بإنعال رجله اليمنى وفي رواية باليمين (وإذا خلع) نعله أي نزعه وبه جاءت رواية (فليبدأ) ندباً (باليسرى) أي يخلعها لأن اللبس كرامة للبدن إذ هو وقاية من الآفات واليمين أحق بالإكرام فبدئ بها في اللبس وأخرت في النزع ليكون الإكرام بها أدوم وصيانتها وحفظها أكثر كما أشار إليه بقوله (لتكن) الرجل (اليمنى أولهما) قال الطيبي متعلق بقوله (تنعل) وهو خبر كان وذكره بتأويل العضو أو هو مبتدأ وتنعل خبر والجملة خبر كان (وآخرهما تنزع) ونقل ابن التين عن ابن وضاح أن قوله لتكن إلى آخره مدرج وأن المرفوع إلى باليسرى وضبط قوله أولهما وآخرها بالنصب خبر كان أو حال قال وتنعل وتنزع بمثناتين فوقيتين وبتحتيتين مذكرين باعتبار الفعل والخلع. قال النووي: يندب البداءة باليمين في كل ما فيه تكريم وزينة كوضوء وغسل وتيمم ولبس ثوب ونعل وخف وسراويل ودخول مسجد وسواك واكتحال وقلم ظفر وقص شارب ونتف إبط [ص 305] وحلق رأس وسلام من صلاة وأكل وشرب ومصافحة واستلام الحجر الأسود والركن اليماني وخروج من خلاء وأخذ وإعطاء ونحو ذلك مما هو في معناه وباليسار في ضده كخلع نعل وخف وسراويل وثوب ودخول خلاء وخروج من مسجد واستنجاء وفعل كل مستقذر. وقال الترمذي الحكيم: اليمين محبوب الله ومختاره من الأشياء فأهل الجنة عن يمين العرش يوم القيامة وأهل السعادة يعطون كتبهم بأيمانهم وكاتب الحسنات وكفة الحسنات عن اليمين إلى غير ذلك، فابتدئ باليمين في اللبس ونحوه وفاء بحقه بأن الله اختاره وفضله ثم يستصحب ذلك الحق فلا ينزع اليمين إلا آخراً ليبقى ذلك الفضل أكثر. - (حم م د ت ه) في اللباس (عن أبي هريرة) وزاد في الكبير عزوه للبخاري ولا أدري لم تركه هنا وظاهر صنيعه أن الكل روى الكل وهو وهم فلم يقل مسلم ولا ابن ماجه لتكن إلى آخره. 496 - (إذا انتهى أحدكم) أي انتهى به السير حتى وصل (إلى المجلس) أي مجلس التخاطب والمسامرة بين القوم المجتمعين للتحدث فيه وهو النادي (فإن وسع له) ببنائه للمفعول أي فسح وفي رواية للفاعل أي فسح له أخوه المسلم كما في رواية (فليجلس) فيه ولا يأبى الكرامة (وإلا) أي وإن لم يوسع له (فلينظر إلى أوسع مكان) يعني مكان واسع (يراه) في المجلس (فليجلس فيه) إن شاء وإلا انصرف ولا يزاحم غيره فيؤذيه ولا يجلس وسط الحلقة للتوعد عليه باللعن في الخبر الآتي ولا أمام غيره لأنه إضرار له وإن أذن حياء كما يقع كثيراً ولا يقيم أحداً ليجلس مكانه منهي عنه كما يأتي في أخبار ولا يستنكف أن يجلس في أخريات الناس بل يقصد كسر النفس ومخالفة الشيطان ويسلك سبيل أولياء الرحمن فإن الرضا بالدون من شرف المجالس كما في خبر يأتي وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يجلس حيث ينتهي به المجلس كما يأتي وقد عم الابتلاء بالتنافس في ذلك وطم في هذا الزمان وقبله بأزمان سيما العلماء ولو علموا أن الصدر صدر أينما حل لما كان ما كان ويندب القيام لمن دخل عليه ذو فضل ظاهر كعلم وصلاح بقصد البركة والإكرام لا الرياء والاعظام ويحرم على الداخل محبة القيام له. - (البغوي) أبو القاسم في المعجم (طب هب عن شيبة) ضد الشباب (وابن عثمان) المكي العبدري الحجبي بفتح المهملة والجيم صاحب مفتاح الكعبة قال الهيتمي إسناده حسن. 497 - (إذا انتهى أحدكم إلى المجلس) بحيث يرى الجالسين ويرونه ويسمع كلامهم ويسمعون كلامه (فليسلم) عليهم ندباً مؤكداً نقل ابن عبد البر الإجماع على أن ابتداء السلام سنة ورده فرض (فإن بدأ) أي عنّ (له أن يجلس) معهم (فليجلس) معهم إن شاء (ثم إذا قام) لينصرف (فليسلم) عليهم أيضاً ندباً مؤكداً وإن قصر الفصل بين سلامه وقيامه وإن قام فوراً وعلله بقوله (فليست) التسليمة (الأولى بأحق) أي بأولى (من) التسليمة (الآخرة) وفي نسخة الأخرى أي كلا التسليمتين حق وسنة وكما أن التسليمة الأولى إخبار عن سلامتهم من شره عند الحضور فكذا الثانية إخبار عن سلامتهم من شره عند الغيبة وليست السلامة عند الحضور أولى من السلامة عند الغيبة. قال النووي: ظاهر الحديث أنه يجب على الجماعة رد السلام على من سلم عليهم وفارقهم وقول القاضي والمتولي السلام عند المفارقة دعاء يندب رده ولا يجب لأن التحتية إنما تكون عند اللقاء رده الشاشي بأن السلام سنة عند الانصراف كما هو سنة عند الجلوس قال أعني النووي وهذا هو الصواب. - (حم د ت حب ك) وكذا النسائي في اليوم والليلة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال الترمذي حسن صحيح قال في الأذكار وأسانيده جيدة قال المنذري زاد فيه رزين، ومن سلم على قوم حين يقوم عنهم كان شريكهم فيما خاضوا فيه من خير بعده. [ص 306] 498 - (إذا أنفق الرجل) وفي رواية بدله المسلم (على أهله) أي زوجته وأقاربه أو زوجته وهم ملحقون بها بالأولى لأنه إذا ثبت في الواجب ففي غيره أولى (نفقة) حذف المقدر لإرادة العموم فشمل الكثير والقليل (وهو يحتسبها) أي والحال أنه يقصد بها الاحتساب وهو طلب الثواب من الوهاب (كانت) وفي رواية للبخاري فهي (له صدقة) أي يثاب عليها كالصدقة وإطلاق الصدقة على الثواب مجاز والصارف عن الحقيقة الإجماع على جواز النفقة على الزوجة الهاشمية التي حرمت الصدقة عليها أي الفرض، والعلاقة بين المعنى الموضوع له وبين المعنى المجازي ترتب الثواب عليهما وتشابههما فيه والتشبيه في أصل الثواب لا في كميته وكيفيته فسقط ما قيل الإنفاق واجب والصدقة لا تطلق إلا على غيره فكيف يتشابهان وافهم قوله يحتسبها أن الغافل عن نية التقرب لا تكون له صدقة كتسمية الصداق نحلة فلما كان احتياج المرأة للرجل كاحتياجه إليها في اللذة والتحصين وطلب الولد كان الأصل أن لا يلزمه لها شيء لكنه تعالى خصه بالفضل والقيام عليها فمن ثم أطلق على الصداق والنفقة صدقة وفيه حث على الإخلاص وإحضار النية في كل عمل ظاهر أو خفي. - (حم ق ن أبي مسعود) واسمه عقبة بالقاف. 499 - (إذا أنفقت المرأة) على عيال زوجها أو ضيف أو نحو ذلك (من) الطعام الذي في (بيت زوجها) أي مما فيه من نحو طعام وقد أذن لها بالتصرف فيه بصريح أو ما ينزل منزلته كاطراد عرف وعلم رضاً حال كونها (غير مفسدة) له بأن لم تجاوز العادة ولم تقصر ولم تبذر، وقيد الطعام لأن الزوج سمح به عادة بخلاف النقد ونحوه فإن اضطرب العرف أو شكت في رضاه حرم وليس في الخبر تصريح بجواز التصدق بغير إذنه بل ولا في خبر مسلم المصرح فيه بأنه بغير أمره لأن المراد أمره الصريح في ذلك القدر المعين أو يكون معها إذن سابق متناول لهذا القدر ولغيره بصريح أو مفهوم قوي (كان لها) أي المرأة (أجرها بما) أي بسبب الذي (أنفقت) غير مفسدة والباء للسببية (ولزوجها) عبر به لكونه الغالب والمراد الحليل ونحوه (أجره بما كسب) أي بسبب كسبه (وللخارن) الذي النفقة بيده أو الحافظ للطعام أي المسلم، إذ الكافر لا ثواب له وكذا يقال في الزوجة (مثل ذلك) الأجر بالشرط المذكور (لا ينقص) بفتح أوله وضم ثالثه (بعضهم من أجر) وفي رواية أجر بدون من (بعض) فهم في أصل الأجر سواء وإن اختلف مقداره فلو أعطى المتصدق خادمه مئة ليدفعها لفقير على باب داره فأجر المتصدق أكثر ولو أعطاه رغيفاً ليدفعه له بمحل بعيد فأجر مشي الخادم فوق قيمة الرغيف فأجر الخادم أوفر، وإن تساويا تساويا وقوله (شيئاً) بالنصب مفعول ينقص إذ ينقص يتعدى إلى مفعولين الأول أجر والثاني شيئاً كـ - (ق 4 عن عائشة) رضي الله عنها. 500 - (إذا أنفقت المرأة من بيت) في رواية من كسب وفي أخرى من طعام (زوجها عن) وفي رواية من (غير أمره) أي في ذلك القدر المعين بعد وجود إذن سابق عام صريح أو عرف (فلها) أي المرأة وفي رواية للبخاري فله أي الزوج (نصف أجره) يعني قسم مثل أجره وإن كان أحدهما أكثر على حد *إذا مت كان الناس نصفان* والمراد عدم المساهمة والمزاحمة في الأجر، وتنزيل الحافظ ابن حجر ذلك على ما تعطاه المرأة نفقة لها فإذا أنفقت منه بغير علمه كان الأجر بينهما لكونه يؤجر على ما ينفقه عليها: ليس في محله لاقتضائه أنه إذا لم يحتسبها لا يكون بينهما لأن الاحتساب شرط حصول [ص 307] الثواب له كما نص عليه في الحديث المار وهو قد صور ذلك بغير علمه على أن الأجر له إنما هو في دفع النفقة لها وأما إذا قبضتها واستقر ملكها عليها ثم أنفقت منها فلا أحسب أحداً يقول إنه يكون له أجر فيما تنفقه هي من مال نفسها خالصاً وفيه فضل الإنفاق وسخاوة النفس والحث على فعل الخير. - (ق د عن أبي هريرة) رضي الله عنه. 501 - (إذا انفلتت دابة أحدكم) كفرسه أو بعيره أي فرّت وخرجت مسرعة يقال انفلت الطائر وغيره تخلص وانطلق (بأرض) بالتنوين (فلاة) أي صحراء واسعة ليس فيها أحد. ففي القاموس الفلاة القفر أو المفازة لا ماء فيها أو الصحراء الواسعة انتهى والمراد هنا الأخير (فليناد) أي بأعلى صوته (يا عباد الله احبسوا عليّ دابتي) أي امنعوها من الهرب وعلله بقوله (فإن لله في الأرض حاضراً) أي خلقاً من خلقه إنسياً أو جنياً أو ملكاً لا يغيب (سيحبسه عليكم) يعني الحيوان المنفلت فإذا قال ذلك بنية صادقة وتوجه تام حصل المراد بعون الجواد، ويظهر أن المراد بالدابة ما يشمل كل حيوان كثور أو ظبي بل يحتمل شموله للعبد ونحوه قال النووي عقب إيراده هذا الحديث: حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلة فقال هذا الحديث فحبسها الله عليه حالاً، قال: وكنت أنا مرة مع جماعة فانفلتت بهيمة وعجزوا عنها فقلته فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا. وأخرج ابن السني عن السيد الجليل المجمع على زهده وورعه يونس بن عبيد التابعي المشهور قال: ليس رجل يكون على دابة صعبة فيقول في أذنها - (ع وابن السني طب) من حديث الحسن بن عمر عن معروف بن حسان عن سعيد بن أبي عروبة عن أبي بريدة (عن ابن مسعود) رضي الله عنه قال ابن حجر حديث غريب ومعروف قالوا منكر الحديث وقد تفرد به وفيه انقطاع أيضاً بين أبي بريدة وابن مسعود انتهى وقال الهيتمي فيه معروف بن حسان ضعيف قال وجاء في معناه خبر آخر أخرجه الطبراني بسند منقطع عن عتبة بن غزوان مرفوعاً إذا أضل أحدكم شيئاً أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل يا عباد الله أعينوني ثلاثاً، فإن لله عباداً لا يراهم. وقد جرب ذلك كذا في الأصل، ولم أعرف تعيين قائله، ولعله مضنف المعجم. 502 - (إذا انقطع شسع نعل أحدكم) بكسر الشين المعجمة سيرها الذي بين الأصابع (فلا يمش) ندباً (في) النعل (الأخرى) التي لم تنقطع (حتى يصلحها) أي النعل التي انقطع شسعها قال ابن حجر وهذا لا مفهوم له حتى يدل على الأذن في غير هذه الصورة بل هو تصوير خرج مخرج الغالب ويمكن كونه من مفهوم الموافقة وهو التنبيه بالأدنى على الأعلى لأنه إذا منع مع الاحتياج فمع عدمه أولى فيكره تنزيهاً المشي في نعل واحدة أو خف أو مداس بلا عذر ولا يحرم إجماعاً على ما حكاه النووي لكن نوزع بقول ابن حزم لا يحل وقد يجاب بأن مراده الحل المستوي الطرفين ومثل [ص 308] النعل إخراج إحدى اليدين من إحدى الكمين وترك الأخرى داخلة وإرسال الرداء من إحدى الكتفين وإعراء الأخرى منه ذكره النووي وإنما كره ذلك في النعل ونحوه لأنه يؤدي إلى العثار ومخالفة الوقار ويفوت العدل بين الجوارح ويصير فاعله ضحكة لمن يراه وهذه من المسائل التي كانت عائشة تنكرها ويرجح الناس خلاف قولها. فإن قلت: ينافي القول بالكراهة ما ورد أن رجلاً شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار فقال: يا خير من يمشي بنعل فرد. قلت: ليس المراد أنه كان يمشي بنعل واحدة بل المراد بالفرد كما قاله ابن الأثير هي التي لم تخصف ولم تطارق وإنما هي طاق واحدة والعرب تتمدح برقة النعال وجعلها كذلك، وأما ما خرجه الترمذي عن عائشة قالت: ربما انقطع شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى في النعل الواحدة حتى يصلحها فمع كونه ضعيفاً لا يقاوم ما في الصحيح فقد رجح البخاري وغيره كما في الفتح وقفه على عائشة رضي الله عنها، قال الحافظ العراقي: وبفرض ثبوته ورفعه وقع منه نادراً لبيان الجواز كما يشير إليه التعبير بربما المفيدة للتقليل أو هو لعذر، بل جاء في بعض الروايات الإفصاح به، وأخذ بعض السلف من قوله فلا يمشي أن له الوقوف بنعل واحدة حتى يصلح الأخرى، وقال مالك: بل يخلعها ويقف إذا كان في أرض حارة أو نحوها مما يضر بالمشي وأن له القعود وخالف فيه بعضهم نظراً إلى التعليل بطلب العدل بين الجوارح. - (خد م ن) من حديث أبي رزين (عن أبي هريرة) قال: خرج علينا أبو هريرة وضرب بيده على جبهته فقال: ألا إنكم تحدثون أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتهتدوا وأضل؟ ألا وإني أشهد لسمعته يقول - فذكره (طب عن شداد بن أوس) بفتح الهمزة وسكون الواو بمهملة أو بيعلى الأنصاري المدني الشاعر قال الذهبي غلط من عدّه بدرياً. 503 - (إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع) أي ليقل ندباً: 504 - (إذا أوى) بقصر الهمزة على الأفصح قال الزين زكريا كغيره إن كان أوى لازماً كما هنا فالقصر أفصح وإن كان متعدياً كما في الحمد لله الذي آوانا فالمد أفصح عكس ما وقع لبعضهم انتهى. (أحدكم إلى فراشه) أي انضم إليه ودخل فيه لينام كما تفسره الرواية الأخرى الواردة بهذا اللفظ وقال القاضي: أوى إلى فراشه انقلب إليه ليستريح (فلينفضه) بضم الفاء قبل أن يدخل فيه ندباً وإرشاداً (بداخلة) بتاء التأنيث على ما في نسخ هذا الكتاب كأصله لكن في كثير من الأصول بدونها (إزاره) أي أحد جانبيه الذي يلي البدن، خص النفض بالإزار لا لأنه لا يكون إلا به لأن العرب لا تترك الائتزار فهو به أولى لملازمته للرجل فمن لا إزار له ينفض بما حضر، وأمره بداخلة الإزار دون خارجته لا لأنه أبلغ وأجدى وإنما ذلك على جهة الخبر عن فعل الفاعل لأن المؤتزر إذا ائتزر يأخذ أحد طرفي إزاره بيمينه على ما يلي جسده والآخر بشماله فيردّ ما أمسكه بشماله على بدنه وذلك داخلة الإزار ويرد ما أمسك بيمينه على ما يلي جسده من الإزار فإذا صار إلى فراشه فحل ببمينه خارجة الإزار وتبقى الداخلة معلقة وبها يقع النفض. فإن قيل: فلم لا يقدر الأمر فيه بالعكس؟ قلنا: لأن تلك الهيئة صنع ذوي الآداب في عقد الإزار. ذكره الزمخشري واختصره القاضي [ص 309] فقال: داخلة الإزار هي الحاشية التي تلي الجسد وتماسه وإنما أمرنا بالنفض بها لأن المتحول إلى فراشه يحل بيمينه خارجة إزاره وتبقى الداخلة معلقة فينفض بها وروى بصنفة إزاره بكسر النون وهو جانبه الذي لا هدب له وهو موافق لما ذكر (فإنه لا) وفي رواية ما (يدري ما خلفه) بالتشديد وبالتخفيف. قال الزمخشري: ما مبتدأ ويدري معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام (عليه) أي على الفراش يعني لا يدري ما حصل في فراشه بعد خروجه منه إلى عوده من قذر وهوام مؤذية (ثم ليضطجع) ندباً و (على شقه الأيمن) أولى (ثم ليقل) ندباً (باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه) أي بك أستعين على وضع جنبي ورفعه فالباء للاستعانة وقد استدل جمع متأخرون به على أن متعلق البسملة يقدر فعلاً مؤخراً مناسباً لما جعلت التسمية مبدأ كما جنح إليه الكشاف وفيه إشعار بأنه لا يقول إن شاء الله إذ لو شرعت المشيئة هنا لذكرها فالاقتصار على الوارد أولى ذكره السبكي (إن أمسكت نفسي) أي قبضت روحي في نومي (فارحمها) وفي رواية البخاري فاغفر لها (وإن أرسلتها) أي رددت الحياة لي وأيقظتني من النوم (فاحفظها) إشارة إلى آية - (ق د) في الأدب (عن أبي هريرة) ولفظ رواية مسلم عنه: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه بعده على فراشه فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن وليقل سبحانك اللهم ربي وبحمدك إلى آخره. 505 - (إذا باتت المرأة) أي دخلت في المبيت يعني أوت إلى فراشها ليلاً للنوم حال كونها (هاجرة) بلفظ اسم الفاعل وهو ظاهر وفي رواية مهاجرة وليس لفظ المفاعلة على ظاهره بل المراد أنها هي التي هجرت وقد يأتي لفظها ويراد به نفس الفعل وإنما يتجه عليها اللوم إذا بدأت بالهجر فغضب (فراش زوجها) بلا سبب بخلاف ما لو بدأ بهجرها ظالماً لها فهجرته كذلك (لعنتها الملائكة) الحفظة أو من وكل منهم بذلك أو أعم ويرشد إلى التعميم قوله في رواية مسلم الذي في السماء إن كان المراد به سكانها ثم هذا مقيد بما إذا غضب الزوج عليها كما تقرر بخلاف ما لو ترك حقه، ثم لا تزال تلعنها في تلك الليلة (حتى تصبح) أي تدخل الصباح لمخالفتها أمر ربها بمشاقة زوجها وخص الليل لأنه المظنة لوقوع الاستمتاع فيه فإن وقع نهاراً لعنتها حتى تمسي بدليل قوله في رواية حتى ترجع. قال في الكشاف: البيتوتة خلاف الظلول وهي أن يدركك الليل نمت أو لم تنم وليس الحيض عذراً إذ له حق التمتع بما فوق الإزار ذكره النووي وبه علم أن قول ابن أبي جمرة: الفراش كناية عن الجماع ليس في محله وليس المراد باللعن اللغوي الذي هو الطرد والبعد عن رحمة الله لأنه لا يجوز على مسلم بل العرفي وهو مطلق السب والذم والحرمان من الدعاء لها والاستغفار إذ الملائكة تستغفر لمن في الأرض كما جاء به القرآن فتبيت محرومة من ذلك وفيه أن سخط الزوج يوجب سخط الرب وإذا كان هذا في قضاء الشهوة فكيف به في أمر دينها وأن الملائكة تدعوا على العصاة وأن دعاءهم من خير أو شر مقبول لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم خوف بذلك وأن السنة أن يبيت الرجل مع أهله في فراش واحد ولا يجري على سنن الأعاجم من كونهم لا يضاجعون نساءهم بل لكل من الزوجين فراش فإذا احتاجها يأتيها أو تأتيه. - (حم ق) في النكاح (عن أبي هريرة) رضي الله عنه. 506 - (إذا بال أحدكم) أي شرع في البول والمراد به مس الذكر عند الاستبراء منه ولا يصح كون بال بمعنى فرغ إذ [ص 310] يكون معناه النهي عن مس الذكر باليمين في الاستنجاء ولا يصح إذ يصير حينئذ قوله بعده وإذا دخل الخلاء فلا يتمسح تكراراً ذكره العراقي (فلا يمس ذكره بيمينه) تكريماً لليمين فيكره مسه بها بلا حاجة تنزيهاً عند الشافعية وتحريماً عند الحنابلة والظاهرية تمسكاً بظاهر النهي وافهم تقييده المس بحالة البول عدم كراهته في غير تلك الحالة وبه أخذ بعضهم فقال: ووجه التخصيص أن مجاور الشيء حكمه فلما منع الاستنجاء باليمين منع مس آلته في تلك الحالة ولا ينافيه ما في مسلم والترمذي والنسائي من إطلاق النهي لوجوب حمل المطلق على المقيد فإن الحديث واحد والمخرج واحد لا خلاف في حمل المطلق على المقيد عند اتحاد الواقعة انتهى لكن الأصح كما قال النووي لا فرق بين حالة الاستنجاء وغيرها ولا يلزم منه ترك حمل العام على الخاص إذ لا محذور فيه هنا لأن ذلك محله إذا لم يخرج القيد مخرج الغالب ولم يكن العام أولى بالحكم وإنما ذكر حالة الاستنجاء في الحديث تنبيهاً على ما سواها لأنه إذا كره المس باليمين حالة الاستنجاء مع مظنة الحاجة فغيره أولى ولأن الغالب أنه لا يحصل مس الذكر إلا في تلك الحالة فخصت بالذكر لغلبة حضورها في الذهن وما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له والحق أن هذا من ذكر بعض أفراد العموم لا من المطلق والمقيد لأن الأفعال في حكم النكرات والنكرة في سياق النفي نعم والحديث لا يشمل النساء لأن لفظ أحد هنا بمعنى واحد فلو أريد المؤنث لقيل إحدى لكنهن ملحقات بهم قياساً لأن علة النهي إكرام اليمين وصونها عن النجس والقذر ومحله وهو موجود في الأنثى والمنهي عنه المس بغير حائل فلو مس ذكره به لم يكره لأن لم يسمه حقيقة بل الثوب، والدبر كالذكر بل أولى فإن الذكر يحتاج لمسه في نحو الاستبراء بخلاف الدبر، ووهم الطيبي وخرج بإضافة الذكر إلى البائل ذكر غيره فيحرم مسه مطلقاً إلا في الضرورة.
|